الشتاء بالنسبة لي فصل بهيج واستثنائي وفيه تصنع أجمل لحظات السنة.
لطالما أبهجني المشي مع كوب دافئ تحت ضوء القمر أو الشمس لا يهم فكل الأوقات تصبح جميلة ومناسبة للمشي والتأمل والتفكير.
في هذه التدوينة أحببت مشاركتكم بثلاثة كتب تأملية تحفزك للمشي ثم المشي لمسافات طويلة.
كتب عن الحياة اليومية والأحاديث عن المشاعر والطبيعة.
أمدتني هذه الكتب بمشاعر عذبة ورقيقة وهي التي ألهمتني للكتابة :
1- مشوار المشي قصة طويلة لـ روبرت فالزر :
"أحيطكم علما بأنني ذات يوم جميل ,قبل الظهر لم أعد أدري في أي وقت بالدقة حضرتني رغبة في أن أتمشى..."هكذا ابتدأ الكاتب كتابه ليصطحبنا لمشوار مشي في المدينة قبل الظهر تتخلل هذه الرحلة تأملات وأحاديث ووصف لما يراه في طريقه.
يتخذ الكتاب شكلا سرديا بطريقة ممتعة وجميلة لمن يحب هذا النوع من الكتب لأنك لن تجد فيها قصة وإنما الكاتب يتمشى ويتأمل ويحكي لنا تأملاته بطريقة عذبة ومذهلة تجعلك تشعر بالرغبة للخروج والمشي.
أما عن المشي ذاته يحكي لنا أنه لولا المشي لما استطاع أن يكتب حرفا واحدا إن المشي هو الذي يحرضه على الكتابة.
الكتاب قصير جدا ولكنه غني بالمشاهد اليومية بوصف باهر يقع في 122 ص.
هذا الكتاب قرأته للمرة الثانية ومستعدة لقراءته مرة اخرى متى شعرت بالحاجة للشعور بشعور جميل ولمشاهدة وصف للطبيعة وكأنها أمامي وللتأمل في الحياة وكلما احتجت لشعور مبهج ولقراءة سهلة تفيض بالشعور.
2-تجوال لـ هرمان هيسه:
"هذا هو المنزل الذي سأقول عنده وداعا." ابتدأ هيرمان كتابه تجوال بهذه العبارة الحزينة في طريقه لتوديع ألمانيا والهجرة لسويسرا .
كتب في هذا تأملاته في طريقه للرحيل حيث الأشجار والأنهار والمناظر الطبيعية الخلابة كل هذه التأملات كانت بنبرة حزينة فيها الحنين والحب للوطن الذي فارقه مجبرا.
وكتب أيضا:"وداعا يا بيت المزرعة ويا موطني."
وأما كونه جوّال يقول:"فكل الطرق لا محالة رادّتنا نحن الجوّالين أيضا إلى مواطننا."
ويقول أيضاً:"إنها أولى المدن الصغيرة على الجانب الجنوبي للجبال.
هنا تبدأ حياة الجوّال الحقيقية الحياة التي أحب ,التجوال دون أية وجهة محددة,بيسر وسهولة تحت أشعة الشمس,حياة متشرد كامل ,إني لشديد النزوع لأن أمضي الحياة بحقيبة على الظهر..."
ويقول:"إختر أي مكان تشاء لجلوسك, على جدار,أو حجر أو جذع شجرة على العشب أو الأرض اينما تكون فستجد نفسك محاطا باللوحات والقصائد وسيرجّع العالم اصداء الجمال والهناءة من حولك."
الكتاب جميل جداً وعذب وممتلئ بالأوصاف البديعة للحياة والطبيعة مع حنين خفي.
الكتاب قصير جدا في حدود 100ص .
هذه قراءتي الثانية لهذا الكتاب أيضا غمرني بمشاعر عذبة ورقيقة .
وأحب أن أنهي الحديث عن هذا الكتاب بهذا الاقتباس العذب:"أتمنى لو أنني كنت عملاقا,ليتسنى لي أن أوسد رأسي عند ثلوج أحد جبال الألب, ممداً جسدي بين قطعان الماعز,بينما أصابع قدمي تعبث بمياه البحيرة العميقة. هناك سوف أستلقي ولن أقوم ثانية أبدًا, تنمو الشجيرات بين أصابعي ,وتنبت زهور الألب البرية في شعري,سوف تغدو ركبتاي تلالاً ألبية, وتعرّش على جسدي الكروم والبيوت والكنائس. وهكذا لعشرة آلاف سنة سوف أتمدد هناك محدقا في السماوات محدقا في البحيرة. حين أعطس تهب عاصفة رعدية,حين أتنفس يذوب الثلج وتتراقص الشلالات.
وحين أموت؛فإن العالم بأسره يموت .
عندئذ أرحل قاطعاً محيطات العالم ,لأعود بشمس جديدة."
3- سرادق طائر البطريق لـ إميل هاكل:
الرواية كلها عبارة عن حوار يبدأ عند لقاء الأب بابنه ليقضون يوما بالخارج سوية وتتخلل هذا اللقاء مشي بين الشوارع والحدائق والأزقة ووقفات في أماكن متعددة بينما يتحدثون في مواضيع متعددة وعامة عن ذكرياتهم وطفولتهم وعن مشاعرهم .
الجميل في هذه الرواية أنها تبدأ بطريقة عفوية وتنتهي بطريقة عفوية ومجرد أحاديث يومية عابرة.
فيها وصف للمناظر التي تمر بهم ووصف للمواقف والأماكن.
تقع الرواية في200ص أنوي قراءتها مرة ثانية بإذن الله.
4-حياة كاملة لـ روبرت زيتالر:
الرواية عن رجل يقضي حياته وحيداً في منطقة جبلية ثلجية حيث الهدوء والسكينة يحكي عن حياته اليومية والأمور التي واجهها عن الأشخاص الذين قابلهم وعن الأماكن وعن المشاعر الحزينة والسعيدة عن الحنين عن علاقة حب وزواج لم تدم طويلا عن الذكريات الموحشة والوحدة عن الحياة العصرية حينما تغزو حياته الهادئة وركض الناس خلف المتع بينما هو يبحث عن أي عمل في هذه المنطقة الجبلية ليجد قوت يومه أما النهاية صادمة بعدما بلغ به العمر عتيا بعد الوحدة القاتلة ,نهايتها حزينة وبائسة.
سأتوقف هنا لن أكمل الكتابة حتى لا أحرق الرواية.
ولكن جميلة جدا وعذبة ورقيقة وحزينة.
يقع الكتاب في 143ص.
جميع الكتب التي كتبتها تشترك في طابع واحد وهو الطبيعة والعزلة والوصف.
ولو كنتوا قرأتوا كتاب منها شاركونا أراءكم ولو أيضاً لديكم كتب بنفس هذا الطابع الوصفي والسردي والأجواء الشتوية اللذيذة شاركوني بها وأكون شاكرة لكم.
قراءة ممتعة.